لابد للهرم أن ينقلب...........

من طرف **Shehab EL-Oraby** الأربعاء أبريل 02, 2008 5:50 pm

لن يأتي أحد بجديد إذا ما قال أن العرب اتفقوا على ألا يتفقوا، وكذلك لن يأتي بجديد إذا ما قال أنه لا يأمل من قمم العرب خيراً بل لن يجانب الصواب إذا ذهب إلى أبعد من ذلك وقال إن وراء كل قمة عربية مصيبة جديدة من العيار الثقيل، لقد أصبح كل ذلك معروفاً، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه إلى متى سيبقى هذا الحال؟ وإلى متى سيبقى الحكام العرب في واد وشعوبهم في واد آخر؟؟ وإلى متى سيظل هؤلاء الحكام رمزاً للتبعية ومادة لتوجيه الإهانة لشعوبهم التي بالرغم من سوء أوضاعها وضعف حالها سبقت حكامها بمسافة يبدو من خلالها صعوبة اللحاق؟؟؟

إن الكرامة مع وجود هؤلاء الحكام أصبحت لا مجال لوجودها، وبدل أن يسير هؤلاء الحكام في ركب شعوبهم ويمشون على هداها ولتحقيق رغباتها بما يشكل حداً أدنى للتفاعل بين الحكام والشعوب، أصبح هؤلاء الحكام يسوقهم أقل الناس شأناً في بلاد الغرب، وتكفي إشارة واحدة ضعيفة كي ينقادوا من خلفها دون أدنى تأخير، لأن التأخير يعني زوال الكراسي- هذا إن كانت الكراسي هي سبب الخوف ـ ولكن الخطير في الأمر أن هذه التبعية أصبحت مؤشراً قوياً على الخيانة وبيع الأوطان! وإلاَ... ما دلالة أن ينساق هؤلاء الحكام بهذا الشكل بالرغم مما يعرفونه من وقوف شعوبهم إلى جانبهم لو وقفوا ضد هذه الهيمنة وهذا الغرور والصلف القادم من الغرب؟!

لقد اعتاد هؤلاء الحكام أن يسيروا في فج غير فج الكرامة التي لم يكن لها أن تنطلق من قمم العرب، لقد انقلب الهرم فأصبح من هم يعتبرون علية القوم في القاع، والقاعدة التي تشكل الشعوب هي رأس الهرم وانعكست الأمور ومن المعروف أن من يعيش في القاع يرى ترسبات الأشياء هذا إن كان لديه بصر ومن الممكن أن يرى.

لقد جاءت القمة العشرون بما تشكل من مهزلة وضعف لتضيف إلى رصيد الفشل العربي مزيداً من الخيبة والبؤس، ولتعمق الفجوة ليس بين الحكام وشعوبهم فحسب ، بل لتوصد أبواباً جديدة بين أبناء الشعوب العربية، ولتعمق جرحاً كان أصلاً منكوءاً من الفرقة والاختلاف، وبدل ردم الهوة وفتح آفاق جديدة للتعاون فيما هو متفق عليه أو على الأقل ليشكل اجتماع الحكام والرؤساء رمزية نحافظ عليها على طريق التحرر والخلاص من سيطرة الأجنبي وهيمنة الأعداء، إلى أن نستطيع أن نرفع عن أنفسنا الشرور والحوادث وندحر المحتل وخاصة أننا نتملك من المقومات ما يمكن أن نحقق به ذلك .

إن قمة من هذا النوع يعتبر بعض حكامنا انعقادها بهذا الضعف انجازاً كبيراً لهي عنوان للفشل. إنه لا داعي لأن يجتمع الحكام ولا داعي بأن يصدروا قرارا امتلأت أرفف الجامعة العربية بأمثالها من قبل.

إن الصغير والكبير في وطننا الحبيب يعلم أن ما حصل من مقاطعة للقمة من بعض الحكام ليس له معنى سوى الخنوع للعصا الأمريكية التي بلغ بها التبجح أن ترسل وزيرة خارجيتها للمنطقة في وسط أجواء القمة ومن قبل نائب رئيسها ليهدد ويتوعد من يشق عصا الطاعة الأمريكية، ولقد استجاب لهذا الوعيد بعض الحكام بما لا يمكن أن يؤول على غير ذلك.

إن اللذين قاطعوا القمة احتجاجاً على ما يحدث في لبنان لا يمكن أن يساعدوا في حل المشكلة بهذه الطريقة لأنهم بذلك يكرسوا العناد وعدم التجاوب بدل الالتقاء والتفاهم، بل إنهم بذلك يدفعون الفرقاء اللبنانيين إلى المزيد من التحدي لبعضهم، ولقد كان من الأجدر بهؤلاء المقاطعين أن يدفعوا بلبنان لحضور القمة وبوفد يمثل كل المتناحرين في أقرب عاصمة إليه من باب الضغط عليهم بأن هناك إجماعاً عربياً يفرض عليهم التفاهم، وأن دمشق القريبة ورئيسة القمة ستتابع ذلك عن قرب بدل أن يجعلونها هي الأبعد معنوياً عن نفوس اللبنانيين، فكيف سيساعد ذلك لبنان وهي المحاطة من كل الجهات بسوريا، اللهم إلا إذا اعتمدت بوابة لبنان هي الغربية بما يشكله البحر المتوسط ومن ورائه أمريكا أو الجنوب بما يشكله الكيان الصهيوني وهذا مالا نأمله بأي حال من الأحوال.

أما القضية الفلسطينية فلم تعد عنواناً للتضامن في قمة التضامن المفقود، فإذا لم تستطع الجامعة وأيضاً بسبب الضغط الأمريكي والصهيوني جمع الفرقاء الفلسطينيين فماذا يمكن للجامعة أن تقدم لهذه القضية سوى جلب المزيد من العار في وقت يشتد فيه الحصار على قطاع غزة، وحيث أصبح سكانه يعيشون في سجن مطبق تحسب عليهم كميات الوقود والغذاء كما تحسب للسجين وذلك بالرغم من أنه من الممكن، بل من السهل تحدي الإرادة الصهيونية بفتح الحدود وعدم السكوت على جريمة حصار الفلسطينيين ولا يستطيع أحد أن يدعي أن هذا بحاجة لقرار أمريكي أو دولي حتى ينفذ.

إن الوضع العربي الراهن والذي لم يستطع أمين الجامعة العربية السيد عمرو موسى أن يستره من شدة انكشاف عورته، فاضطر و بصراحة فيها من المرارة والغصة أن يعترف أنه وصل إلى حال كارثية، هذا الوضع ليس بحاجة لعقد المزيد من القمم، بل هو بحاجة لأن يزول هذا الجمود بزوال مسببه وترك الشعوب لتحدد مصيرها بنفسها، لقد سئمنا العفن والسير في ذيل القافلة ونحن نملك كل مقومات التصدي والتحدي ، ولكننا نباع ونشترى في سوق النخاسة الامبريالية والصهيونية وبيد من هم على رأس الهرم.

إنني أتساءل لماذا لا يتخلف أحد عندما تنعقد قمم الآخرين فهناك الناتو، والاتحاد الأوروبي، والآسيان، وغيرهم كثير، وكم من أصحاب تلك القمم مثل بلاده لأكثر من دورات معدودة بسبب الحراك السياسي والتغييرات الديمقراطية الحاصلة عند تلك الشعوب، حتى ممالكهم والتي يفترض أن يسود فيها رأس الهرم لفترات طويلة، لا يمثلها سوى رؤوس الحكومات الذين تغيرهم الشعوب كلما لزم الأمر.

لقد انكشفت عورة العرب، كل العرب ولا داعي أن ندعي أننا أمة واحدة ذات مصير مشترك، لقد انشقت الأمة واختلف المصير وعلى يد هؤلاء الحكام فلا بد من التحرك على مستوى من هم ليسو في القمة، بل من يتجرعون كأس المرارة وإنهم لقادمون لأن التاريخ لن يرحم.